تصاعد جرائم قتل النساء والانتحار في إيران وسط غياب تشريعات الحماية
تصاعد جرائم قتل النساء والانتحار في إيران وسط غياب تشريعات الحماية
أثار العثور على جثة شهلا كريميان، وهي امرأة من مدينة مهاباد في شرق كردستان، غضبًا واسعًا في الأوساط الشعبية والحقوقية، بعدما تبين أنها قُتلت على يد زوجها وشقيقه بذريعة ما يسمى بـ«الشرف»، قبل أن تُخفى جثتها في منطقة نائية، إلى أن اكتُشفت بالصدفة بعد أسبوعين من الجريمة.
وأعادت الجريمة المروعة، ومعها حادثة مشابهة وقعت في مدينة مشهد قُتلت فيها امرأة شابة على يد والدها بذات الذريعة، النقاش العام حول تنامي ظاهرة العنف القائم على النوع الاجتماعي وجرائم "الشرف" في إيران، والتي يرى ناشطون أنها نتاج مباشر لثقافة ذكورية متجذّرة وغياب تشريعات رادعة تحمي النساء من الانتهاكات، بحسب ما ذكرت شبكة "إيران إنترناشيونال"، الأحد.
وأكدت منظمات حقوقية أنّ النساء في المناطق الكردية والبلوشية والأطراف الفقيرة هنّ الأكثر عرضة لهذه الجرائم، إذ يُنظر إليهن بوصفهن رموزاً "لشرف العائلة"، في حين تفرض الأعراف المحلية صمتًا قسريًا على الضحايا وعائلاتهن، ما يُبقي الجرائم بعيدة عن المساءلة القضائية.
إحصاءات مروعة خلال شهر
بحسب تقرير شهري صادر عن وكالة محلية لحقوق الإنسان، فإن شهر سبتمبر الماضي وحده شهد مقتل 19 امرأة وطفلين، إضافة إلى 13 حالة انتحار بين النساء وتنفيذ 8 أحكام إعدام بحق نساء أدن بتهم تتعلق بالقتل أو المخدرات.
كما وثّق التقرير سلسلة من الجرائم المروعة التي امتدت من العاصمة طهران إلى المدن الكردية والبلوشية، حيث تنوعت الأسباب بين ما يسمى بـ"الشرف"، والخلافات المالية أو العائلية، والضغوط الاجتماعية والنفسية، بل وحتى الحرمان من التعليم.
وفي 23 سبتمبر، قُتلت عائلة كاملة مكوّنة من ثلاثة أفراد في فيروزكوه على يد أحد الأبناء بسبب نزاع مالي، وفي 24 سبتمبر، نُفّذ حكم الإعدام بحق مهناز دهقاني في سجن عادل آباد بشيراز، بعد إدانتها بجريمة قتل.
وبعد ثلاثة أيام، شهدت مدينة إيلام مقتل نادية زكي وثلاثة من أقاربها، في حين أقدمت شابة أخرى تُدعى هانا ويسی على الانتحار لأسباب غامضة.
حالات انتحار مأساوية
سُجلت حالات انتحار مأساوية مثل انتحار كوثر درويشي (16 عامًا) في كرماشان لعدم قدرة عائلتها على تحمل تكاليف تعليمها، في حين نُفذ حكم الإعدام بحق جيران ظاهري بعد تسع سنوات من السجن في أصفهان.
وفي مطلع أكتوبر الجاري، عُثر على جثة محترقة لامرأة أربعينية في إسلام شهر، في حين أُعدمت رويا عباس زاده (25 عامًا) في زنجان بعد إدانتها بجريمة قتل. وفي اليوم ذاته، قتلت امرأة ستينية في أردكان على يد ابنها بسبب خلافات عائلية.
وفي 2 أكتوبر، أُعيد اكتشاف جثة شهلا كريميان (38 عامًا) التي قُتلت بذريعة "الشرف"، كما لقيت راحلة سياوشي (26 عامًا)، وهي مدربة رياضة الووشو، مصرعها على يد زوجها الذي عارض مشاركتها في المعسكر التدريبي.
وفي 7 أكتوبر، قُتلت امرأة في مشهد على يد والدها للسبب ذاته، في حين شهدت جامعة طهران مقتل زهرا قائمي الموظفة بكلية علوم الأسرة، على يد زوجها إثر خلاف مالي.
مأساة تتجاوز الأرقام
تواصلت الإعدامات والانتحارات حتى منتصف أكتوبر، حيث سُجّلت حالات متكررة في إيلام، يزد، أصفهان، نيكشهر، بانه وغيرها، وفي 20 أكتوبر، قُتلت سارينا رستمي (16 عامًا) في سربل ذهاب على يد والدها بسبب رفضها الزواج، في حين أُعدمت في اليوم ذاته سعيدة خدادادي في أصفهان.
وأكد التقرير أن عددًا كبيرًا من هذه الجرائم لا يُكشف عنه بسبب القيود المفروضة على الإعلام والرقابة الرسمية، ما يجعل الأرقام الحقيقية أعلى بكثير من تلك المعلن عنها.
تنتقد منظمات دولية مثل العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش تجاهل السلطات الإيرانية لتجريم ما يسمى بجرائم "الشرف"، وغياب أي قوانين واضحة لحماية النساء من العنف الأسري.
كما يطالب ناشطون بسن تشريعات تجرّم قتل النساء تحت أي ذريعة، ومحاسبة مرتكبي هذه الجرائم بعيدًا عن التقاليد القبلية أو التبريرات الدينية.
وتعكس قصة شهلا كريميان ومئات الضحايا الأخريات وجهاً مأساويًا لعنف مؤسسي ضد النساء في إيران، حيث تتحول الحياة إلى معركة يومية من أجل البقاء في مجتمع يبرّر القتل باسم العادات ويصمت عن العدالة باسم "الشرف".











